صورة المرأة في الإعلام بشمال افريقيا و الشرق الأوسط
في جميع أنحاء العالم ، تقل احتمالية ظهور النساء في وسائل الإعلام مقارنة بالرجال. كمواضيع للقصص ، تظهر النساء فقط في (ربع الأخبار التلفزيونية) قليل من القنوات والإذاعية، المسموعة، المرئية والمطبوعة. في تقرير عام 2015 ، شكلت النساء نسبة ضئيلة حيث قدرت 19٪ فقط من الخبراء في القصص الإخبارية، و 37٪ من المراسلين الذين يروون القصص على مستوى العالم. لكن المشكلة الحقيقية لا تكمن في قلة حضور المرأة في وسائل الاعلام بل في الصورة التي تسوقها مختلف الوسائل عن هذه الأخيرة و كيف تسجنها في صورة نمطية متجاهلة بذلك ما حققته من انجازات و تطورات في جل الميادين .اذن كيف تمثل المرأة اليوم في المجال الإعلامي خاصة بالشرق الأوسط و شمال افريقيا؟من المسؤول و كيف يمكن تغيير هذا الوضع من اجل النهوض بواقع المرأة؟
اين ما قادتك خطاك اليوم تستوقفك ملصقات إشهارية و اذا امعنت النظر في تلك المتعلقة بمواد التنظيف او الطبخ تجدها تتوجه بالخطاب الى النساء او تشكر الامهات في حين كل ما هو متعلق بالمجال البنكي او العمل يجسدونه في الرجال هذا دون ان ننسى الوصلات الإشهارية الحافلة بعبارات مذلة المرأة عن طريق حبسها في مجالات و اعمال يومية تقلل من شأنها و تحد من مجالات عطائها مما يخلف عند المتلقي حكما مسبقا و نظرة خادعة عن المرأة و يرسخ عند المجتمع تلك النظرة الدونية لها هذا المجتمع الذي لا زال يقاوم التغيير و النهضة ليضل حاضرا بقيمه و مسلماته التي أكل عنها الدهر و شرب جدالات تجوزت و حسمت فيها الحقيقة .وقد عجزت الوسائل الإعلامية عن مواكبة الواقع الحقيقي المرأة وعن تناول إنجازاتها وقضاياها والتحديات التي تواجهها برسالة إعلامية جادة وهادفة ولذلك تكمن المشكلة الحقيقية ليس فقط في التركيز على الصورة النمطية للمرأة، ولكن في غياب الصورة الأخرى لها. فصورة المرأة العاملة في المهن التخصصية المختلفة، وواقع المرأة المكافحة في الريف وأطراف المدن، وما تعانيه من فقر وتهميش والعمل في بيئة صعبة من أجل توفير قوت أسرتها؛ نادرا ما تظهر في وسائل الإعلام .الصورة التي رسمها أغلبية وسائل الإعلام العربية للمرأة كانت في العموم صورة سلبية، واتخذت أشكالا مختلفة ولكن مضامينها متشابهة؛ فهي إما تظهر كسلعة أو أداة لتسويق سلعة أو مستهلكة أو جاهلة، أو زوجة متسلطة مع الحضور الدائم لصورة المرأة ربة بيت وتجاهل المرأة العاملة. و يرجع اللوم الى مختلف الوسائط الإعلامية بشتى أنواعها في تجاهل المرأة و قضاياها و تغليف الواقع بماض لطالما استهوى كل من يعترض سبيل المرأة إلى التحرر و التطور عوض التركيز على مطالبها نجاحها او معاناتها يكتفي اعلامنا للأسف بتضليل الرأي العام و اسكات صوت كفاح و نضال المرأة حتى صرنا نعيش في مجتمعات صامتة تكاد تنفجر من حدة المشاكل التي تأثر على هذا الصمت . لكن اصابع الاتهام لا توجه للإعلام وحده ، كذلك السياسة لا سيما ان جل بلدان لا زالت تعاني من تأخر من حضور المرأة كفاعل في المجال السياسي و ذلك راجع اولا الى التهميش و الاقصاء التي تعانيه. فمثلا؛ هنالك مجموعات نسائية السودان ظهورها في الإعلام الرسمي، ولكنها لجأت لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمنصات لها، مثل مبادرة “لا لقهر النساء” التي تهدف لمحاربة العنف ضد المرأة وللمناصرة الفعلية للنساء اللائي تتم محاكمتهن، بناءً على قانون النظام العام المختص بمعاقبة النساء بناءً على لبسهن أو عملهن ببعض مهن القطاع غير الرسمي لذلك فكما تتجنب وسائل الإعلام العربية -في أحيان كثيرة- التعرض لقضايا المواطنة والانتهاكات والفساد وغياب سيادة القانون في بلدانها؛ فهي تتجنب أيضا تناول قضايا جدلية حول حقوق المرأة والمساواة، وضرورة تعديل الدستور والتشريعات الخاصة بالنساء، وغيرها من قضايا قد تزعج السلطة الحاكمة. لكن الوقت آن للتغيير فلن يزيد الصمت إلا الطين بلة و لتحقيق النهضة و النمو لا بد من اشراك المرأة باعتبارها جزءا اساسيا بدونه لا يمكن ان نقود نحو تغير شامل و جدري و ذلك عن طريق إعطائهن الفرصة في التعبير عن أنفسهن تقديم كفاءاتهن و الدفاع عن حقوقهن مع تغيير الصورة السائدة عن مرأة لتكوين أجيال تعي دورهن و تقدر مجهوداتهن فعلى سبيل المثال، أطلقت مؤسسة تومسون رويترز في أبريل/نيسان 2016 برنامجا جديدا للعمل مع الصحفيين من أجل تغطية إعلامية متميزة لأخبار المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك استجابة للتقرير الصادر عن مشروع مراقبة الإعلام العالمي، والذي جاء فيه أن المرأة بهذه المنطقة غير ممثَّلة في الإعلام بشكل جيد كمًّا ونوعا. وقد أملت تومسون من وراء ذلك تعزيز تغطية إخبارية جيدة المحتوى، يمكن أن تؤدي إلى تغيير الطريقة التي تتعامل بها المجتمعات مع المرأة، كما يمكن أن تقود إلى حصولها على حقوقها. إضافة إلى حركات نقدية و مصححة لهذه النظرة و نجد مثلا bentdarhoum بالمغرب او yemeni féminist mouvement باليمن و التي تستغل وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق التغيير و السمو بمجتمعاتنا و نظرتها الى المرأة
الوسائط الإعلامية وسائل مهمة و نافعة قد اتاحت المعلومة و نشرتها لكن وجب التطوير منه و تصحيحه بهدف نبذ الصور النمطية و التعرية عن الواقع المعاش بشكل صحيح عن طريق اعلام بناء لا يخفي الحقيقة بل ينشرها و يؤيدها . فما احوجنا الى مثل هذه الوسائل لتحقيق المساواة و نبذ التمييز بكل أشكاله
:مصادر
:عن المؤلفة
ولدت بالدا البيضاء سنة 2004 ماجدة فهمي مغربية تدرس بالسنة الثانية من التعليم الثانوي مهتمة بكتابة المقالات و مجالي الاعلام و السياسات الاقتصادية والخارجية تسعى إلى تحقيق المساواة و النهوض بواقع المرأة و تؤمن بأن أحد أبرز السبل لتحقيق المساواة المنشودة هي تحقيق الاستقلالية الاقتصادية للمرأة إضافة إلى العمل على تحريرها و تعليمها و لهذا politics4her انخرطت بالمدونة النسوية